الدنيا وصلتها بنظرتنا للخلق
كلما ضعفت الدنيا في قلبك ضعف أثر الدنيا على قلبك كلما استطعت أن تنظر إلى الناس بعين نظيفة وبرؤيا واضحة كما يقولون، لكن كلما شوشت الدنيا على قلبك تشوشت الرؤية عندك، صار يؤثر فيك النظر إلى الناس إما بانبهار بمن لديه نصيب من السعة في الدنيا وفتح الله عليه بشيء من الرزق أو بغضب منهم بحسد عليه، إما بانبهار وتملق.. فلان عنده كذا وفلان عمل زواج بكذا وفلان اشترى كذا.. انبهار.. هذا مرض ما سببه؟ أن الدنيا كبيرة في قلبك ما خرجت، أو حسد، أعوذ بالله من هؤلاء أهل الدنيا عندهم جشع ما يشبعون لهم الدنيا ولنا الآخرة..ضمنت لك الآخرة؟ ما هكذا حال أهل الآخرة وما هكذا ينظرون، ماهناك حل وسط؟ ما تستطيع أن تنظر للإنسان كإنسان؟ لا تستطيع أن تنظر إلى المؤمن كمؤمن؟ لابد أن تنظر إليه كدنيا؟ إذاً المشكلة عندك في النظر إلى الدنيا.
أو النظر إلى الفقير بعين الاحتقار، من على الباب؟ فلان.. أوه فلان.. يتجهز!! من في الباب؟ فلان أووه أنا مشغول في وقت ثاني هذا ثقيل دم، وذاك ما كان ثقيل دم؟! هذا جاء في وقت مزعج وذاك جا في وقت مزعج لماذا ذاك لم يزعجك وهذا أزعجك؟
أو النظر إلى الفقير بعين التبجيل على أن الفقر معناه الصلاح، فلان هذا هو العالم الصحيح الزاهد الذي ما عنده شيء من الدنيا، في….. من هؤلاء العلماء عندهم سيارات وبيوت.. لا لا تصدق فلان هذا وزير محترم حتى شقة جديدة ما عنده!! نعم الذي يظهر عليه أثر الدنيا بدون مقدمات بمجرد أنه تحمل مسؤولية من مسؤوليات الدنيا حـُكم أو وزارة حتى مسؤولية دينية لكن لها دخل بالمال فجأة ظهر عليها المال لا شك محل ريبة!! ينبغي أن يُحاسب وعلى ولي الأمر أن يُحاسبه ينبغي أن يُشعَر بهذه الريبة، لكن لا تكون المسألة قاعدة عامة تـُطبق على كل الناس، فلا تنظر إلى الغني ولا إلى الفقير لا بعين الرضا ولا بعين الغضب لا بعين الاحترام ولا بعين الاحتقار على أساس الغنى والفقر لو فعلت ذلك فمعنى هذا: أن الدنيا فيك لا تزال المشكلة عندك وليست عند الذي تتعامل معه، اتضحت هذه المسألة؟
عند أهل التدقيق في هذا المعنى، كنت وعدتكم أن أذكر قصة في المجلس الماضي، شيخنا الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمة الله تعالى عليه من المعلوم أنه ممن ابتلوا بالظهور بالشهرة، والشهرة نوع من أنواع الدنيا.. الشهرة، الجاه، المال، محبة الناس هذه كلها من ابتلاءات الدنيا إن أحسن الإنسان التعامل معها كانت سبباً في ارتقائه بالقرب من الله وإن افتتن بها والعياذ بالله طاح ..
* قصة : شيخنا الشيخ الشعراوي من شهرته بالخير الذي أكرمه الله به علماً وصلاحاً، يجتمع عليه أهل الدنيا يحبونه ويترددون عليه ووجدوا فيه الهداية والدعوة إلى الله، فترة من الفترات سُرقت شقته التي كان يسكن فيها في حي الحسين فجاء الخبر إلى أحد أشياخي وبينه وبين شيخنا الشيخ الشعراوي رحمة الله تعالى عليه أخوة، فلما أُبلِغَ بعد الدرس من بعض الحاضرين أن الشيخ الشعراوي سُرق من بيته ثلاثون ألف جنيه مصري تغير وجه الشيخ لما بلغه الخبر، شَعرت أن تغير وجه شيخنا لم يكن محصوراً على قضية أنه أوذي الشيخ الشعراوي.. وهنا القصة، خرج الناس قال هات الهاتف جئت بالهاتف أخرج الرقم واتصل بالشيخ الشعراوي: شيخ متولي قال: أهلاً شيخ فلان كيف أنتم بخير؟ قال بلغنا أن شيء طرأ عليكم ودخل سارق إلى بيتكم، قال نعم كان هناك ثلاثون أف جنيه أعطانيها التاجر الفلاني من المحبين وقال لي إذا خرجت في نهاية الأسبوع إلى قريتكم دقدوس قسمها على بعض الفقراء في قريتكم فجعلتها في الخزانة حتى يأتي آخر الأسبوع لكن السارق جاء وأخذها فتهلل وجه شيخنا، تعجبت السرقة ثبتت ما تغير شيء لماذا تضايق في البداية؟ و إذا به يقول الحمد لله الذي لم يخيب ظننا في أخينا ما كنت أظن أبداً أن ترضى على نفسك أن تدخر من الدنيا ثلاثين ألف جنيهاً.. كيف يفكر هؤلاء القوم؟
لاشك التاجر له أن يدخر والإنسان له أن يدخر لكن الكلام هنا عن النظرة، كيف ينظر الناس إلى المقاييس؟!.. مقاييس الفقد والوجد، الخسارة والربح، مفهوم الخسارة والربح، مفهوم التعامل مع المظهر والدنيا، ذكرت لكم في مجالس سابقة أن شيخنا الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمة الله تعالى عليه بعض الأحيان يفتقدونه فيجدوه يغسل مراحيض المسجد، لما سأل عن ذلك قال خشيت على نفسي لما رأيت الوزراء والتجار والكبار والصغار يحيطون بي خفت أن يكون لي التفات إلى الدنيا.. الجاه، المكانة، لما دخلت إحدى القرى أهل القرية حملوا السيارة بمن فيها، قال خفت على نفسي من هذا الحال أن يحصل لقلبي التفات.. هذا الشأن من مراعاة القلب هو مهمة المريد هو مقصود المريد في السير إلى الله عز وجل..
يترتب على الذي يعيش وعنده هذا الحس عنده هذا الانتباه أن معاملته مع الناس تختلف، يُصبح مقياس تعامله مع الناس.. تذكرون في المجلس الماضي قلنا أن الناس إما ينظر بعضهم إلى بعض أن كل واحد منهم له حاجة يريد أن ينتزعها من الآخر، غابة، وهذا ما يعيشه أكثر الخلق اليوم، وإما أن ينظر بعضنا إلى بعض على أن كل الناس الذين يحيطون بنا وسائل نرتقي بحسن معاملتنا معها إلى من؟ إلى الله سبحانه وتعالى، إذا نظرنا بهذا المنظار الراقي وهو منظار المريد منظار المؤمن الذي يريد الآخرة يريد رضوان الله سبحانه وتعالى إذا نظرنا بهذا المنظار أصبحت المعاملة مع الناس مختلفة، كيف؟ أصبحت صلتي بمن حولي لا تشوش علي فيها النظرة إلى الدنيا، انتهينا من الكلام هذا؟ لايشوش علي فيها وهم أن هؤلاء ينفعون ويضرون النافع الضار هو الله أو يعطون أو يمنعون المعطي المانع هو الله، ذكرنا هذا في المجلس الماضي لا يشوش علي ما قد يصدر منهم من إحسان أو إساءة تجاهي من مدح أو ذم، هذه نقطة مهمة للسائر إلى الله، لايستقيم أمر السير إلى الله دون ضبط هذا الأمر، كيف؟
مقاييس الصلة مع الناس في المدح والذم
الإنسان صلته مع الناس مقياسها: مقياس القبول والرفض والتشوش والسعادة والحزن كيف يعامله الناس؟ أحسن بعض من حولي إليه ارتاح أساؤوا إليه ضجر، لا أعني بذلك الراحة والضجر الطبيعي الذي يحصل كبشر، نحن بشر لكن أقصد ارتاح شعر بنشوة الناس تحسن إليه وتراعيه أو شعر بغضب يعميه الناس أسائت إليه ولم تحسن إليه ولم تراعيه لم تراعي التعامل معه، أو مدحوك أنت ما شاء الله ممتاز مثلك ما في ما شاء الله، مثل ما يقولون أحبابنا في الشام ما شاء الله حولك الطبيب الذي ليس مثلك طبيب المهندس الذي ليس مثلك مهندس الكاتب الذي لا يشق له غطاء، التاجر ممتاز، العالم ذو اللسان الزلق الطويل، الكذا، الكذا…مدح..مدح..مدح..ما أثر مدح الناس على قلبك؟ أو العكس، لا لا أنت ما تفهم تعبان لا أنت سيء، أنت كذاب لا أنت مغرض لا أنت نصاب لا أنت سارق.. ماذا يؤثر فيك هذا؟ بطبيعة البشر يتأثر الإنسان يحزن أو يفرح لكن بعد أن يحزن لأول وهلة أو يفرح لأول وهلة بطبيعة البشرية ونحن لازلنا في الطريق إلى الله، أثر الفرح والحزن للوهلة الأولى إلى أي مدى يؤثر فيك؟ كيف؟ يؤثرفي نظرتك إلى الذي تعامل معك بهذه الطريقة في الناس الذين ممن حولك، إلى أي مدى يؤثر في قرارك كيف ستعاملهم؟ هذا أخذ يثني عليك ويمدحك ويبجلك و..و..و..كيف شعرت؟ انتشيت؟ هذا أثر داخلي عليك، كيف قررت تتعامل معه؟ هذا الإنسان صادق معك منصف ما في قلبه حسد هذا ما شاء الله محترم وممتاز.. هذا الذي يعرف الناس هذا الذي يقدر، وآخر تكلم عليك، شتمك، آذاك، أساء إليك في الوهلة الأولى حزنت، كل الناس تتأثر إلا الذين ارتقوا مراتب الله يرقينا إن شاء الله، لكن بطبيعة الحال في أول السير نتأثر لكن بعد التأثر إلى أي مدى وصل إلى قلبك هذا التأثر؟ هل أسرك بإساءته؟ هل رضيت أن تبيت وفي قلبك كراهية، حقد، حسد، بغض، إذا ذكر هذا الإنسان أمامك هل تشعر أنك تمتعض؟ هل تشعر أنك تغضب من ذكره؟ هل تستثقل الثناء عليه؟ هذا أصبح إنسان بالغ الأثر عليك.. أسرك وتحكم فيك، كما أسرك المادح أسرك الذام، ثم ماذا قررت في التعامل معه؟ هل قررت أن تتعامل معه من منطلق الإساءة؟ تترصد له، تبحث عن الفرصة لتؤذيه، تبحث عن معايبه مثالبه.. أول خطأ.. آه قلت لكم انظروا كيف فعل؟ بينما قبل أن يشتمك أو يسبك أو يفتري عليك أو يُسيء إليك كان يخطئ مثل هذه الأخطاء وأحياناً أكثر منها قليلاً ما كنت تنتقده هذا النقد، ما كنت تركز على أخطائه بهذه الطريقة وذاك الذي مدحك ما كنت تتغاضى عن أخطائه إلى هذا الحد.. لا مسكين ما قصد.. ما أراد.. التمس لأخيك حتى السبعين عذر وذاك ماهو أخوك؟ هذا الذي مدحك وأعطاك ما تريد.. التمس لأخيك حتى السبعين عذر، و”المؤمن للمؤمن” و”من ستر مسلما ًستره الله“.. تأتي الأحاديث كلها أمامك ترغيب، وذاك الذي آذاك.. إنكار المنكر واجب.. السكوت مداهنة.. المؤمن لا يداهن.. يجب أن آخذ على يده.. هذه الأحاديث لمَ لمْ تكن هناك وتلك الأحاديث لمَ لمْ تكن هنا؟ لماذا فقدت ميزان التعامل بهذه الأحاديث لتـُدرك متى تحتاج إلى اللين ومتى تحتاج إلى الشدة.
لماذا أصبح الميزان ليس ميزاناً النبوة ولا السنة؟ أصبح الميزان انطباع نفسك تجاه لهذا أو ذاك.. لا المريد لا يقبل أن يستمر بهذه الطريقة، المريد لا يرضى أن يستمر بهذه الطريقة بأن يؤسر بتعاملات الناس معه، إن أحسَنَ أحد الناس إليك أو مدحك من الذي أنطق لسانه أو أجرى على يده الإحسان.. من؟ الله.. هو لا شك مكلف بما فعل إن أحسَنَ إليك سيجزى بالإحسان إحساناً، إن أثنى عليك بما في ثنائه من الخير بنية صالحة يثاب على ذلك وإن أثنى عليك من باب التملق يحاسب على ذلك، وذاك الذي ذمك أو آذاك من الذي حرّكه أو أطلق لسانه؟ الله.. نعم الله، لا شك سيُحاسبه إن أساء بفعله لكن في الأصل من الذي أنطق هذا وذاك؟ الله.
ما رأيك تعيش مأسور لنطق الناس البشر الذين من حولك، هذا مدحك أخذ قلبك، هذا ذمك أخذ قلبك، هذا أحسن إليك امتلكك، هذا أساء إليك امتلك مشاعرك بالكـُره، أم تعيش مع الله؟
تعامل المريد مع المدح
1. فلان من الناس أحسَنَ إليك: سبحان من ساقه ليُحسن إلي اللهم لك الحمد شكراً، وأشكر من أجرى الله على يده الخير.. جزاك الله عني خيراً، أجرى الله مديحك على لسان أحد بالثناء عليك، سبحان من أظهر الجميل وستر القبيح.. يا رب لو كنت أطلعتهم على بعض مساوئي كان يمكن هؤلاء يمدحوني؟، لا أقبل أن أغتر بمدح زيد وعمرو أنا أعرف بما عندي، يقول الحسن البصري: “الأحمق من ترك يقين ما عنده لظن ما عند” أنت متيقن تعرف ماذا عملت من أخطاء.. أنا أعرف ما عملت من أخطاء وأعرف القـُبح الذي في داخلي، جاء واحد قال لي أنت ممتاز، هو ظنه حسن الله يجزيه الخير على ثنائه لكن لاتكن مغفلاً وتصدق ظن الذي أمامك وتترك يقينك أنت الذي تعرفه، هذا حَمَق تضحك على نفسك، فإذا أطلق الله لسان أحد من الخلق بالثناء عليك.. سبحان من أظهر الجميل وستر القبيح.
2. سيدنا أبو بكر الصديق إذا أثنى عليه أحدهم (وهو أهل للثناء) يقول: اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، هم ظن الخير اجعلني أفضل ما أكره أريد أكون أفضل، “اللهم اجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون، الشيء الذي ما علموه أنت تعلمه، ولا تؤاخذني بما يقولون“، لا تحاسبني قالوا عليك كذا وكذا..تعرف هذه الدعوة؟
3. تريد معنى آخر راقي؟.. أثنى عليك أحد من الناس قل سبحان الله الثناء الحقيقي بين البشر ينبغي أن يكون لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. ما من خصلة رآها الذي أثنى عليّ فظنها حسنة إلا هي في أعلى مراتبها موجودة في سيدنا محمد الثناء لسيدنا محمد ماهو لي على سيدنا محمد ماهو عليّ.
4. تريد معنى راقي آخر؟.. لماذا نحتاج إلى تعدد هذه المعاني؟ لأن المشكلة عويصة، التفات القلب في التعامل مع الناس في الثناء والذم خطير.. خطير.. إي والله، المعنى الآخر شخص أثنى عليك، كان أحد أشياخي الحبيب محمد الهدار رحمه الله يقول إذا أحد أثنى عليك فقل آمين.. لماذا؟ قال اعتبر ثناءه دعاء، اعتبر أنه يدعو لك أن تتحقق بهذا أنت تعرف أن ما عندك شيء من ذلك، قال لك ما شاء الله عليك من الأولياء قل آمين.. تعرف ما فائدتها؟ أولاً دعوت الله وربما يكرمك الله فتتحقق، الفائدة الثانية حميت نفسك من أن تـُصَدق ما دام قلت آمين معناه أنك معترف أنها ليست فيك وما زلت تطلبها حتى يعطيك الله إياها.. هذا الثناء.
تعامل المريد مع الذم
1. جاء شخص وما شاء الله فتح لك نشرة أخبار في مساوئك: يا كذاب يا منافق يا فعل يا ترك أنت قدام الناس مرائي لماذا تصلي وسبحة وأنت غشاش.. ونزل عليك أو عرفت أنه يكيدك يحاول يؤلب عليك الآخرين.. كيف تنظر إليه؟ لأن النظرة يترتب عليها تصرف، كل التصرفات مبنية على مشهد القلب، الأساس القلب في تصرفات البشر، يمكنك أن تقول هذا حاسد هذا حاقد هذا مبغض وهذا كاذب هذا مخطىء وقد يكون هذا صحيحاً هذا الكلام، قد يكون تكلم عن حسد عن بغضاء لكن أنت لا تستفيد شيء إن قررت هذا الأمر لو انشغلت بحاله هو حاسد مبغض، تعال ارجع إلى حالك المريد مشغول بحاله مع الله ويطلب القرب من الله، قال لا.. لا.. ولكن من باب الأمانة ينبغي أن أردعه.. انظر إلى حالك مع الله واصدق مع الله وسيجري الله على يدك الخير له سيجري الله صلاحه على يدك.. كيف؟ فـَكِر.. أنا فعلت أشياء خاطئة في حياتي أو ما فعلت؟ قد لا يكون الشيء الذي قاله هو فيك لكن هناك أشياء سيئة فيك أما توجد؟ ماشاء الله خلاص.. كلنا فينا مساوىء ..
من ذا الذي ماساء قط ، ومن له الحسنى فقط ، محمد الهادي الذي ، عليه جبريل هبط
أنت فيك كذا وكذا.. تـذكـَر.. أنا يمكن الخصلة هذه ماهي فيّ لكن أظن أن فيّ أشياء ثانية أسوء ولعل الله سلطه عليّ ليكفـّر ذنوبي أو لعل الله سلطه عليّ ليُذكرني حتى أتنبه، يمكن أنا ظلمت أحد من قبل في كلامي أراد الله أن ينبهني، ما أنطق الله لسانه إلا ليُرقّيني جاءتني فرصة ترقية، هناك لما مدحني أحدهم فرصة الترقية أن أقول آمين وإلا في خطر سقوط لو التفت إلى كلامه وقبلته وصَدّقت نفسي ..
2. هنا فرصة الترقية هي كيف تتعامل مع هذا الأمر؟ إما أن تتعامل بالصبر.. جزاك الله خير وتنسحب (وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً) هذه رتبة وهي عالية لكن شرط أن تبيت وقلبك صافي عليه ماهو أمام الناس.. جزاك الله خير.. الله يسامحك وقلبك يقول الله ما يسامحك أبداً.. لكن إذا رجعت إلى البيت ووضعت رأسك على الوسادة تقول: أف هذا خبيث يا الله ايش سويت فيه هذا لماذا؟.. طيب أنا ما آذيته وما فعلت معه شيء؟ معناه قدر يؤثر فيك، هـُزمت أمامه الآن، أما إذا ردّيت الطاق طاقين وفتحت لسانك..لا لا هذه خلها للثانيين.. دعها لغيرك لأنك أنت سالك لا ترد بفحش القول، الناس أنت ما تعرف يا شيخ أنت على نياتك، الناس في هذا الزمان إذا ما وقفتهم عند حدودهم وترد الكلمة كلمتين يدوسوك دوس…أنا ماذا؟ قال أنت على نياتك، وأنت لماذا لا تكون على نياتك؟ قال يا شيخ أنت رجل طيب.. وأنت لماذا لا تكون رجل طيب وانتي كوني إمرأة طيبة، لا.. هذه هزيمة إما أن يهزمك فيجعلك تخطىء أو تسيء وإما أن يهزمك فيجعلك تتظاهر بالصبر ثم إذا عـُدت إلى بيتك حملت عليه..
أنا بشر حملت لا أريد أن أكذب على نفسي ولا أكذب على ربي أريد أن أسير إلى الله ذهبت إلى البيت وجدت في قلبي شيء من هذا الذي آذاني وتكلم عليّ.. لها علاج؟
نعم أول علاج أن تقتنع أنها مرض لا تـُكابر لا تقول لا أصل المسألة كذا والواقع كذا…لا هذا ضعف، الحمد لله من كرم الله علي أن ساق إليّ هذا الذي أساء إليّ لكي ينبهني إلى نقطة الضعف التي عندي.. تمام؟ نبهني لأني ضعفت أمام الإساءة والشتم ما قدرت أصبر.. يا رب جزهِ عني خير الجزاء يا رب أصلح شأنه، أصلح شأنه بحب.. يا رب بلـّغه من فضلك وإحسانك ما أنت له أهل يا رب أكرمه.. تعرف تقول يا رب أكرمه؟ حتى ولو قلتها وقلبك غير قابل هذا ليس بنفاق هذا معالجة لمرض لقلب قلها وقلبك غاضب عليه وحامل عليه هذا يُطهر قلبك.
3. تروضت على هذا الأمر.. هناك مرقى أكبر.. أنت سائر إلى الله تطلب أعلى أعطاك الله القدرة تكون أعلى أنت مسلم فيك أنوار لا إله إلا الله تستطيع بفضل الله وتوفيقه لمعنى أفضل من ذلك ما هو الأفضل؟ الأفضل أن تفكر ما هو الأرضى لله للتعامل معه الأرضى لله…الأرضى لله.. أولاً: أن أستفيد من كلامه مهما غضبت وأخذتني الغضبة أتفكر في الكلام الذي قاله هل فيه شيء صحيح ولو بنسبة ضئيلة هل يوجد؟ علامة الصدق في السير أنك تنظر من أين ممكن كذا وكذا وكذا نعم ممكن أن لا يكون كلامه دقيقاً لكن بالفعل أنا قد يصدر مني فعل كذا وكذا… يا رب كما أرسلت إليّ من ينبهني أعني على التخلص مما أنا فيه، يرضي الله هذا الأمر، يقربك إلى الله أن تنظر بهذا المنظار..
* قصة : الإمام علي زين العابدين بن الحسين السجاد عليهما السلام إمام أهل البيت في عصره وزمانه يوجد في هذا الجامع حجرة نزل بها الإمام علي زين العابدين عندما أوتي به وآل البيت بعد معركة كربلاء، الإمام علي زين العابدين ابن الحسين خرج ذات يوم متوجهاً إلى الكعبة هذا الرجل كان يصلي ألف ركعة في اليوم والليلة، لا تقل لي كيف احسبها بالدقيقة؟ ابدأ واظب على أحد عشر ركعة في صلاة الوتر ستبدأ تفهم هذا الكلام هذا كلام عمل، دخل إلى المسجد وعليه السكينة والهدوء وصلى ودعى الله وعبد ثم خرج.. عند خروجه تلقاه رجل من الذين في نفوسهم شيء على أهل البيت والعياذ بالله وهذا من النفاق فلما رآه قال له أمام الناس: أنت الذي تدعى بزين العابدين قال: نعم قال: أنت شين العابدين، يقول لمن هذا الكلام؟ أنت الفاسق أنت الفاجر أتى بكلام مقذع فاحش يخاطب به الإمام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إمام عصره وزمانه فغضب بعض الناس الذين مروا وسمعوا الكلام فقال: دعوا الرجل يكمل، لما انتهى الرجل من كل ما عنده من مسلسل الشتم كله أقبل عليه سيدنا علي زين العابدين وقال “يا ابن أخي أما وكل الذي ذكرته فيّ وما خفي عنك أعظم ألك حاجة أقضيها لك تلقاء النصيحة التي بذلتها لي” أنت أحسنت إلي نصحت فبكى الرجل وقال أشهد أنك ابن رسول الله، سامحني يا سيدي لقد أغراني القوم بشيء من المال، قالوا لي: إن أنت أغضبت علي بن الحسين وجعلته يجهل عليك يجهل أي يغضب ويشتم سمّي جهل عند العرب، إن جعلته يجهل عليك أعطيناك ألف دينار من الذهب فتبسم مرة ثانية تعرف تتبسم عندما يسيء إليك أحد هذا أول شيء تفعله عملياً كل ما يسيء لك أحد تبسم في وجهه مدة التبسم استحضر حالك مع الله فكـّر مالذي يرضي الله في الرد قبل أن ترد، تبسم مرة أخرى وقال: أهذه؟.. على الألف دينار؟ قال نعم قال أما لو أخبرتنا لأعطيناكها دون أن نحوجك إلى أن تـُغضبنا فنجهل عليك هل عندنا ألف دينار؟ أعطوه.. فأعطوه الألف دينار، سمعت؟
لا تقل هذا علي بن الحسين الذي أعطاه يعطي، هذي أخلاق فيها إرث هذه الأمة فيها سمو المعاملة مع الله عزوجل، انظر كيف (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) تـُرجمت عملاً سيدنا علي بن الحسين دفعها بالتي هي أحسن ماذا أثمرت (فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) لا تقل أنا حاولت أدفع بالتي هي أحسن لكن الناس ما فيهم فائدة.. كلام الله لا يخطئ.. أنت لما تقول أنا دفعت بالتي هي أحسن لكن فلان مافيه فائدة أنت تكذب كلام الله؟ الله يقول (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) صدق الله العظيم، إذاً إذا توهمت أو تخيلت أنني دفعت بالتي هي أحسن فلم أرى نتيجة (فَإِذَا الَّذِي) معناه أنه لم أدفع بالتي هي أحسن لأن كلام الله ما يتغير سبحانه وتعالى ..
ننصرف من هذا المجلس
كيف نتعامل مع من يسيء إلينا، الليلة قبل أن تنام قبل أن تنامي يفكر كم مرة تعرضت فيها للإساءة من أحد كيف كان تعاملي؟ يا الله عندما يبدأ الإنسان منا ينظر بهذا المنظار النبوي الشريف الراقي سيضحك على نفسه، والله لما تتذكر أنك يوماً من الأيام كنت في السيارة والإشارة خضراء وأتى شخص قاطع الإشارة وكاد أن يتسبب في حادث ونزلت وغضبت وشتمت وسببت لما تتذكره تقول كيف تعاملت معه بهذه الطريقة الرجل ربما كان مشغولاً أو مستعجلاً أو حتى أخطأ يا أخي الحمد لله الله سلمني من الحادث، أشكر الله بدل أن الناس سبحان الله كيف كنت أنا أتصرف.. تماماً مثل الصبي الصغير عندما يكبر ويتذكر كيف كان تصرفه مع الصبيان، يتحدى ويضارب ويصارع.. كيف كنا صغار بسرعة نغضب ونتزاعل هي هذه…ماذا قررت في نهاية هذا المجلس؟ لم يبقى معنا إلا شيء يسير من هذه المجالس إلى أين وصلت في صدق اتخاذ القرار عندما تسمع (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً) هذا كلام من؟ الله.. تعجب ما قال للمسلمين فقط قولوا حسنا ما قال قولوا للمحسنين وأصحاب الأخلاق لأن هؤلاء الذين ينفع معهم الحسنى الثانيين ما ينفع، (وَقُولُواْ لِلنَّاسِ) المحسن والمسيء والمؤمن والكافر الصالح والطالح، وقولوا للناس حسنا رزقنا الله وإياكم قول الحُسن..
يارب.. يارب.. يارب.. سمعنا عن أخلاق الصادقين في محبتك بمن ساروا إليك فأوصلتهم إليك.. فاشتاقت أرواحنا وقلوبنا إلى أن نتحقق به.. فإنا نعلم يا سيدي من أنفسنا ونقصنا وعجزنا وتقصيرنا ما يحول بيننا وبين ذلك غير أنا نعلم أكثر من علمنا بعيوبنا ونقصنا بأن فضلك الواسع وجودك العظيم حريٌ بأن تنظر إلينا في ساعتنا هذه نظرة تـُعيننا بها على أنفسنا.. اللهم أعنا على أنفسنا.. اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.. اللهم ارزقنا صدق الإقبال عليك وحـُسن المعاملة معك.. اللهم ارزقنا من البصيرة ما تؤتينا به سر الفرقان حتى نـُفرق به بين الحق والباطل فنعامل خلقك معاملة تربطنا بصدق المعاملة معك يا أكرم من سـُؤل وأجود من أعطى وما بخل، لا تحرمنا ونحن ندعوك لا تردنا ونحن نسألك ونرجوك جودك عظيم وفضلك عميم وأنت يا الله كريم رحيم حليم.. نسألك اللهم نظرة إلينا ونحن في بيتٍ من بيوتك على مائدة من موائد فضلك وإحسانك.. اللهم إنا نسالك أن لا ينفض هذا الجمع ولا ينتهي هذا المجلس إلا وقد أكرمت كل حاضر ومستمع وناظر بكرامة من عندك يقوى بها على صدق السير إليك على وصف المحبوبية، يا كريم مع اللطف والعافية وأعد عوائد ذلك على أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم في المشارق والمغارب.. فرج عن اخواننا في فلسطين فرج عن إخواننا في العراق فرج عن أهل لا إله إلا الله في المشارق والمغارب يا كريم.. وصلى الله على سيدنا محمد آله وصحبه وسلم.. والحمد لله رب العالمين.