السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال لي : كنت مسافرا بالسيارة الى مكة ... وفي الطريق فوجئت بحادث سيارة . . يبدو انه وقع لتوه .. كنت اول من وصل اليه .
اوقفت سيارتي واندفعت مسرعا الى السيارة ... احاول انقاذ من فيها تحسستها
بحذر . نظرت الى داخلها . قلبي ينبض بشدة . أرتعشت يداي خنقتني العبرة ثم
اجهشت بالبكاء .. منظر عجيب . . قائد السيارة ملقى على مقودها جثة هامدة
مشيرا بسبابته . كان وجهه مضيئا .. تحيط به لحية كثيفة .. كانه فلقة من
قمر .... كنت اتلفت داخل السيارة كالمجنون . وفجأة رأيت طفلة صغيرة ملقاة
على ظهره .. محيطة بيديها على عنقه .. وقد لفظت انفاسها وودعت الحياة ...
لااله الا الله .
لم ارى ميتة كهذه الميتة .... سكينة ووقار .... صورته وقد اشرقت شمس
الاستقامة على محياه ... منظر سبابته التي قضت وهي توحد الله ... جمال
ابتسامته التي فارق بها الحياة .... بدات سيارات المارين تقف خلفه حول
سيارته .
ارتفع اللغط والاصوات . كل هذا حدث بسرعة عجيبة . نسيت ان اتفحص بقية من
في السيارة . كنت ابكي بكاء الثكلى . لم اكن اشعر بمن حولي .. من راني ظن
اني قريب للميت . صرخ بعض الناس , يوجد امراة واطفال في المقعد الخلفي .
صدموني .. !!! التفت للخلف . فاذا امراة قد جمعت عليها ثيابها واحكمت
حجابها . وجلست بهدوء تنظر الينا , تضم الى صدرها طفلين صغيرين لم يصابا
بأذى . كانا مضربين ينتفضان . وهي تذكر الله وتهدئ روعهما . شعرت انها جبل
شامخ . كانت تحاول النزول من السيارة . بثبات عجيب .... لابكاء ولاصياح
ولاعويل ... اخرجناهم جميعا من السيارة .
من راني وراها ظن اني صاحب المصيبة دونها ؟؟؟ اشتد بكائي .. والناس ينظرون
الي .... فالتفت الي وهي تغادر السيارة وقالت بصوت تقطعه العبرات : يااخي
لاتبك عليه انه رجل صالح ... صالح .. ثم غلبتها العبرات فسكتت ....
نزلت تضم اليها طفليها ... وتتفقد حجابها وتصلح من عبائتها , فلما رات لغط
الناس وازدحامهم انزوت بعيدا مع طفليها .. بادر احد المحسنين وحمل الرجل
وطفلته الى المستشفى , وهي تنظر الينا من بعيد , وتحاول ان تشغل الطفلين
عن النظر الى ابيهم واختهم . اقبلت اليها وعرضت عليها ان تركب معي لاوصلها
الى لمنزلها . فردت بكل حياء بصوت هادئ : لا والله .... لا اركب الا في
سيارة فيها نساء .
بدا الناس ينصرفون . كل يكمل طريقه .. بقيت ارقبها من بعيد .. شعرت اني
مسؤل عنهم .... مر الوقت طويلا . ونحن ننتظر على تلك الحال العصبية , وهي
ثابته ثبات الجبال . ساعتان كاملتان ... حتى مرت بنا سيارة فيها رجل
واسرته . اوقفناهم . اخبرناه خبر المراة . وسالناه ان يحملها الى منزلها
فوافق .
فاقبلت بطفليها وركبت معهم .... كنت اشعر وهي تمشي انها جبل يمشي على الارض .....عدت الى سيارتي وانا اعجب من هذا الثبات العظيم ...
كنت اقول لنفسي .. انظركيف يحفظ الله الرجل الصالح في اهله من بعده
تذكرت قوله تعالى : ( ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم
الملائكة الا تخافوا ولاتحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن
اولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الاخرة )