هل هذه الصفة (الداعية) تحتاج إلى شروط صعبة وثقافة لا بدَّ منها، وأساليب معينة، وتفاصيل كثيرة، حتى لا نجد من تسمى (داعية).. أم أنَّ الأمر أيسر من ذلك وأقل تكلفاً؟!
والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "بلغوا عني ولو آية". وليس كل الصحابة علماء، ولكن كلهم دعاة بأقوالهم وأفعالهم، والأفعال أكثر تأثيراً في الأقوال.
والأصل أنَّ كل مسلم داعية وكل مسلمة داعية، فالاستقامة على العبادات المفروضة والخلق الحسن ومساعدة الآخرين دعوة، والمرأة التي تصون بيتها وتحميه وتربي أولادها على الدين والخير داعية، وعلاقاتها الحسنة مع أقاربها وجيرانها والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعوة.
والمهم هو الاستقامة على دين الله، وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وألا تكون الدنيا هي أكبر الهم ولا مبلغ العلم، وأن نعتقد أنَّ هذا الدين هو الذي يجلب لنا سعادة الدارين. فإذا أضفنا إلى ذلك طريقة محببة سهلة في النصح والإرشاد فهذا خير على خير. وأمَّا العلم والثقافة المطلوبة فأساس الكل هو القرآن الكريم؛ تلاوة وتدبراً وتعليماً واطلاعاً على بعض علومه التي لا بد منها لفهم القرآن، واطلاعاً على شيء في السنة النبوية الصحيحة، وعلى السيرة الشريفة، ومعرفة الأحكام التي نحتاج إليها في حياتنا اليومية، وهذا متيسر وسهل لكل مسلمة، ووسائل الاتصال اليوم والدعوة كثيرة ويمكن الاستفادة منها.
إنَّ أعظم عمل تقوم به المرأة المسلمة، كمشاركة في الدعوة ونهضة الأمة، هو المحافظة على الأسرة أن لا تطالها يد التغريب والتخريب، وغرس التدين في قلوب الأبناء والبنات، وتعويدهم الاهتمام بالأمور العظيمة، وأنَّ الحياة الكريمة هي العبودية لله، والتضحية في سبيل الله.
وأضرب هنا مثلاً لأم أمية، ولكن عقلها وقلبها متشرب بنور الإسلام، هذه الأم توصي ولدها - وقد أعدَّ عدته للسفر في طلب العلم - تقول له: يا بني، أوصيك بوصية واحدة: "لا تكذب". وفي الطريق أغار اللصوص على القافلة التي كان فيها هذا الشاب، وسأله أحدهم: هل معك شيء؟ قال: نعم، عندي دنانير مخيطة في الثوب، فأخرجها، وكان من أثر هذا الصدق أنَّ هذا اللص تاب، وأرجع اللصوص كلّ ما نهبوه من القافلة!
كاتب المقال: الشيخ/ محمد العبده