بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فإني وبفضل من الله توصلت إلى إكتشاف وأقسم
بالله العلي العظيم بأن من يفعل هذا الإكتشاف سوف يكون ذكيا وعالما وسأذكر هذا
الإكتشاف وهو في قوله تعالى( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ )سورة يوسف الأية(22)
وقوله تعالى(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آَتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ )سورة القصص الأية(14)
ففي الأيات دلالة على أن الإحسان فيه جزاء عظيم من الله وهو أن يأتيه الحكمة والعلم وقوله تعالى (وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) أي أن الوعد لمن كان من المحسنين سوف ينعم الله عليه بالحكمة والعلم
فهل تريد أن تكون منهم
تعريف الإحسان
المرتبة الثالثة : الإحسان ، ركن واحد ، وهو " أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك "
[ 46 ] الإحسان في اللغة : إتقان الشيء وإتمامه ، مأخوذ من الحسن ، وهو الجمال ، ضد القبح ، وهو ينقسم إلى أقسام :
أولا : إحسان بين العبد وبين ربه ، وهذا هو المقصود .
ثانيا : إحسان بين العبد وبين الناس .
[ص-222] ثالثا : إحسان الصنعة وإتقانها ، إذا صنع الإنسان شيئا أو عمل عملا فإنه يجب عليه أن يتقنه ويتمه .
النوع الأول : وهو الإحسان بين العبد وربه ، بينه الرسول صلى الله عليه وسلم صحيح البخاري تفسير القرآن (4499) ، صحيح مسلم الإيمان (10) ، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (4991) ، سنن أبي داود السنة (4698) ، سنن ابن ماجه الفتن (4044) ، مسند أحمد (2/426). لما سأله جبريل بحضرة الصحابة كما يأتي ، فقال : الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك .
فالإحسان بين العبد وبين ربه هو إتقانه العمل الذي كلفه الله به ، بأن يأتي به صحيحا خالصا لوجه الله عز وجل ، عمل الإحسان بين العبد وربه ما توفر فيه الإخلاص لله عز وجل ، والمتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الإحسان على مرتبتين ، واحدة أعلى من الأخرى .
الأولي : أن تعبد الله كأنك تراه ، بأن يبلغ بك اليقين والإيمان بالله كأنك تشاهد الله عيانا ، ليس عندك تردد أو أي شك ، بل كأن الله أمامك سبحانه وتعالى تراه عيانا ، فمن بلغ هذه المرتبة فقد بلغ غاية الإحسان ، تعبد الله كأنك تراه من كمال اليقين وكمال الإخلاص ، كأنك ترى الله عيانا ، والله جل وعلا لا يرى في الدنيا ، وإنما يرى في الآخرة ، ولكن تراه بقلبك حتى كأنك تراه بعينيك ، ولذلك يجازى أهل الإحسان بالآخرة بأن يروه سبحانه وتعالى ، لما عبدوه وكأنهم يرونه [ص-223] في الدنيا جازاهم الله بأن أفسح لهم المجال بأن يروه بأبصارهم في دار النعيم .
قال تعالى : سورة يونس الآية 26 لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [ يونس : 26 ] ، الزيادة هي النظر لوجه الله ، السبب أنهم أحسنوا في الدنيا ، فأعطاهم الله الحسنى ، وهي الجنة ، وزادهم رؤية الله عز وجل ، تعبد الله كأنك تراه على المشاهدة ، والمحبة والشوق إلى لقائه سبحانه وتعالى ، تتلذذ بطاعته ، وتطمئن إلى طاعته سبحانه وتعالى ، تشتاق إليها ، هذه طريقة المحسنين .
المرتبة الثانية : إذا لم تبلغ هذه المرتبة العظيمة فإنك تعبده على طريقة المراقبة ، بأن تعلم أن الله يراك ، ويعلم حالك ، ويعلم ما في نفسك ، فلا يليق بك أن تعصيه ، وأن تخالف أمره ، وهو يراك ويطلع عليك ، وهذه حالة جيدة ، ولكنها أقل من الأولى ، وما دمت أنك تعلم أنه يراك فإنك تحسن عبادته وتتقنها ؛ لأنك تعلم أن الله يراك ، ولله المثل الأعلى لو كنت أمام مخلوق له منزلة وأمرك بأمر ، وأنت تنفذ هذا الأمر أمامه وينظر إليك ، هل يليق بك أن يقع منك إخلال بهذا الفعل ؟
[ص-224] الحاصل : أن الإحسان على مرتبتين :
مرتبة المشاهدة القلبية : وهي أن تعبد الله كأنك تراه من شدة اليقين والإيمان ، كأنك ترى الله عز وجل عيانا .
والمرتبة الثانية : وهي أقل منها ، أن تعبد الله وأنت تعلم أنه يراك ويطلع عليك ، فلا تعصيه ولا تخالف أمره سبحانه وتعالى .
هذه مرتبة الإحسان ، وهي أعلى مراتب الدين ، من بلغها فإنه بلغ أعلى مراتب الدين ، وقبلها مرتبة الإيمان ، وقبلها مرتبة الإسلام .
فالدين دوائر :
الدائرة الأولى : الإسلام ، وهي واسعة حتى إنه يدخل فيها المنافق ، ويقال له مسلم ويعامل معاملة المسلمين ؛ لأنه استسلم في الظاهر ، فهو داخل في دائرة الإسلام ، ويدخل فيها ضعيف الإيمان الذي ليس معه من الإيمان إلا مثقال حبة خردل .
الدائرة الثانية : وهي أضيق من الأولى وأخص ، دائرة الإيمان ، وهذه لا يدخل فيها المنافق النفاق الاعتقادي أبدا ، [ص-225] وإنما يدخل فيها أهل الإيمان ، وهم على قسمين : إيمان كامل ، وإيمان ناقص ، فيدخل فيها مؤمن فاسق ، أو مؤمن تقي .
الدائرة الثالثة : وهي أضيق من الثانية ، دائرة الإحسان ، وهي كما بينها النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا يدخل فيها إلا أهل الإيمان الكامل .