تتواصل الهجمة الشرسة التي يشنها اللوبي اليهودي في امريكا ضد الرئيس الامريكي باراك اوباما خاصة بعد خطاب التسامح
الاخير الذي وجهه الي العالم العربي والاسلامي يطالب فيه فتح صفحة جديدة بين واشنطن والعالم الاسلامي وهو ما اعتبره اللوبي اليهودي العالمي تغيرا في الاسترتيجية الامريكية المنحازة بشكل سافر الي اسرائيل لذا تحركت ابواقهم الاعلامية والدعائية للضغط علي اوباما للتراجع عن سياساته والعدول عن مواقفه.
ومن ابرز تلك الاسلحة التي استخدمها اللوبي عبر مقالات عدة للعديد من الكتاب الامريكيين المحسوبين عليه وفق تقرير نشرته صحيفة الرؤية الكويتية اثارتهم لقضية "أملاك اليهود في مصر" ذلك الملف الشائك الذي كان ضمن أحد أهم الملفات المدرجة ضمن العلاقات المصرية ـ الأميركية.
وأصرت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش على أن يكون هذا الملف ضمن أهم الملفات، التي يمكن من خلالها ابتزاز مصر ودفعها لتنفيذ الإملاءات الأمريكية.
وقامت إدارة بوش بتكليف لجنة الحريات الدينية، التي تزور مصر سنوياً ببحث ملف يهود مصر مع كبار المسئولين المصريين.
والأكثر من ذلك هو مشاركة اثنين من الموالين لإسرائيل، وهما فيليس جاير نائبة رئيس لجنة الحريات الدينية في الكونجرس الأمريكي، رئيسة معهد جاكوب بلاوتشتاين، القريبة من المؤتمر اليهودي العالمي، وجوزيف كرابا المشهور بمعاداته للعرب لمراقبة الأوضاع في مصر عن قرب.
وخلال زياراتهما لمصر كانا يصران على التردد على المعابد اليهودية في مصر لاستقصاء أحوال اليهود هناك، رغم أن عددهم حالياً يعد على أصابع اليد الواحدة، ويعيشون في وئام مع بقية المصريين، كما قيل أن تلك اللجنة قامت بتسليم السلطات المصرية ملفاً كاملاً عن أملاك اليهود في مصر وأماكنها، حصل عليه من إسرائيل، وأوصت بعودة هذه الأملاك لأصحابها بحجة أنهم تركوها عقب حرب 1948 وثورة يوليو 1952 وهربوا.
التركيز الأميركي على ملف يهود مصر هو طرح إسرائيلي مقدم بواسطة الأميركان يمكمل تحركات الحكومة الإسرائيلية والمؤتمر اليهودي العالمي للحصول على تعويضات من الدول العربية عما يسمى بأملاك تركها اليهود العرب، وهاجروا لإسرائيل، ويقدرها الإسرائيليون بعشرة مليارات دولار.
املاك مزعومة
وقد حاول اليهود من ذوي الأصول المصرية في إسرائيل وخارجها عقد المؤتمرات التي تبحث ملف أملاكهم المزعومة في مصر، إذ سبق وأن عقدت الجمعية التاريخية الأميركية ليهود المصريين مؤتمراً في إسرائيل، تحت عنوان النزوح الثاني لليهود المصريين، تحت زعم الاستماع إلى الشهادات الشخصية لأفراد من عائلات يهودية، عاشت في مصر، وهي الشهادات التي جمعت بناء على توصيات المؤتمر السابق، والذي عقد في حيفا قبل ذلك بعام.
وكان الهدف من وراء عقد المؤتمر إنشاء قاعدة بيانات لتوثيق الزواج في الديانة اليهودية، التي كان يشترط فيها كتابة التواريخ ونسب العائلة ومكان إقامتها وأملاك الزوج وإرث الزوجة، وأغلبها كتب باللغة العبرية.
ومنذ عقد هذا المؤتمر المشبوه، لم تنقطع جهود الجمعية من أجل الحصول على أكبر عدد ممكن من تلك الوثائق لدى العائلات في أوروبا، خصوصاً في فرنسا و البرازيل.
و هدفت الجمعية من وراء ذلك إلى وضع الحكومة المصرية في مأزق قد تواجه معه قضايا تتضمن الحصول على تعويضات بالملايين، ومن خلال ما تعتمد عليه الجمعية من نفوذ داخل الكونجرس الأمريكي، لم يكن جديداً أن تستغل هذا النفوذ من أجل الضغط على الإدارة الأميركية لربط المعونة السنوية بتسليم الحكومة المصرية ما يريدون الحصول عليه من وثائق ومستندات تتعلق بميلاد وزواج ووفيات وأحوال اجتماعية، وتتعمد تلك الادعاءات إخفاء الحقائق المتعلقة بأسباب الهجرة الحقيقية لليهود من مصر، بعد أن تسللت المخابرات الإسرائيلية إلى عناصر هذه الطائفة في القاهرة ووظفتها للقيام بحملة تفجيرات.
إضافة إلى رغبة اليهود الحقيقية في العيش في إسرائيل ومن دون تجاهل حقيقة تاريخية مهمة تثبت أن أغلب اليهود في مصر انتموا إلى جاليات يونانية وإيطالية وقد تعمدت اللجنة العزف على نفس المزاعم، التي سبق طرحها على الرئيس السادات أثناء قمة كامب ديفيد، ورفض مناقشتها من الأساس.
لكن رفض السادات لم يمنع إسرائيل من تشكيل لجان عدة من يهود الولايات المتحدة الأميركية من ذوي الأصول العربية لتلقي التقارير من اليهود العرب المهاجرين إلى أميركا بشأن ما يزعمون أنها ممتلكات تركوها وراءهم وهاجروا، وانتهت هذه اللجان إلى تقدير تلك الممتلكات بما يزيد على ستة مليارات دولار، إلا أن منظمة تدعي "اللجنة الدولية ليهود الدول العربية" رفضت هذا التقدير.
البعض يؤكد أن قرار مجلس النواب مجرد كلام، ولم يلبث رئيس تلك المنظمة "عميرام إيتاس" أن زعم أن هناك مليون يهودي غادروا الدول العربية تاركين خلفهم ما لا يقل عن 200 ألف بيت، وأنه من الصعب تقدير قيمة تلك الأموال المتروكة.
إلا أنه على الرغم من ذلك شدد على أن يهود العراق كانوا يسيطرون في الأربعينيات على 80 % من اقتصاد البلاد، أي ما يزيد على 100 مليار دولار، وزعم أن أملاك اليهود المسلوبة في مصر تقدر بحوالي 60 مليار دولار.
ويبدو أن عميرام تناسي التعويضات التي حصل عليها أجداده، وسرعان ما شكلت إسرائيل جمعية أميركية في نيويورك أطلق عليها اسم "الجمعية التاريخية ليهود مصر"، التي راحت تبث عبر موقعها على الإنترنت كثيراً من المزاعم، مثل الحديث عن أن "يهود مصر" لم تكن لديهم أبداً نية مغادرة البلاد، لولا المعاناة التي لاقوها منذ عام 1948 على يد الحكومات المصرية، التي قادت حملة ضدهم لتطفيشهم وجعلهم يعيشون في رعب، وقامت بمصادرة جميع أموالهم، وسرقت منهم ممتلكاتهم، التي تقدر بمليارات الدولارات، بدلاً من أن تعترف مصر بفضل اليهود العظيم عليها أو تقدر ما فعلوه من أجلها!
حتى أن عدد اليهود الذين عاشوا في مصر كان يقدر بحوالي 145 ألف يهودي قبل عام1948، وهو العدد الذي انخفض إلى 76 ألفاً عام 1948 ثم إلى 200 فقط في الوقت الحالي.
حقيقة أملاك اليهود المصريين
يتعمد اليهود المصريون المهاجرون إلى أمريكا إخفاء حقائق عدة، تتعلق بظروف هجرتهم إلى خارج مصر، حيث إن خروج اليهود من مصر لم يكن بسبب ديانتهم، وإنما كانت هناك ثلاثة انفجارات مدوية هزت أوضاع اليهود في مصر.
الانفجار الأول كان مع بدء تقدم القوات الألمانية في صحراء مصر الغربية، أثناء الحرب العالمية الثانية، حيث خشي اليهود المصريون من انتصار الألمان في الحرب ففروا إلى جنوب أفريقيا خوفاً من بطش الألمان بهم، خصوصاً أن تلك الفترة شهدت تضخيماً وتهويلاً لما تعرض له اليهود على يد هتلر تحت أساطير الهولوكست ومعاداة السامية.
أما الانفجار الثاني فكان في أعقاب حرب 48 وهو انفجار كان يكمن في شخصية اليهود أنفسهم، ورغبة كثير منهم في الهجرة إلى ما زعموا أنه أرض الميعاد وتكوين إسرائيل.
أما الانفجار الثالث فكان في أعقاب حرب 56، وقرارات التأميم وخشية اليهود على ممتلكاتهم، وهو ما جعلهم يفضلون الرحيل عن مصر وتهريب أموالهم معهم عن طريق شبكة "جوشين" السرية، التي كانت تتولي تهريب اليهود المصريين إلى فرنسا وإيطاليا، ثم إلى إسرائيل.
أما نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي شلومو كوهين، فأكد في كتاب له حول اليهود في مصر، أن تل أبيب سعت إلى تهجيرهم بأي طريقة، رغم أنهم كانوا في نسيج المجتمع حتى لا تظهر مصر أمام العالم أنها دولة متسامحة.
وهذا ما أكده عمانويل ماركت المدير الأسبق للمركز الأكاديمي الإسرائيلي، لكن يتفق الكثير من المحللين على أن عملية لافون كانت الأساس في وصول وضع اليهود في مصر إلى نقطة التهجير الكامل، خصوصاً أن عدداً كبيراً منهم لم يكن يحمل الجنسية المصرية، ويقدر عددهم حتى عام 1947 في مصر ما بين 64 ألفاً إلى 75 ألفاً، لكن لا يوجد رقم محدد عن أعدادهم الدقيقة في مصر.