في عيد العمال.. ما أحوجنا إلي استعادة قيمة العمل والاجتهاد وتشجيع كل قادر علي العمل علي أن يجد العمل الذي يحقق فيه أهدافه وينعكس هذا عليه وأسرته وعلي المجتمع..
وتوفير فرص العمل سواء كانت من خلال أجهزة الحكومة وشركاتها أو من خلال المشروعات الخاصة والقطاع الخاص أيضا هي مسئولية الدولة في كل الأحوال..
ففي الجهات الحكومية يجب ان تتاح الفرصة وبتكافؤ وعدالة ودون مجاملة أو استثناءات وأن يكون الاجتهاد والتفوق والقدرة علي العمل هو الشرط الرئيسي للفوز بالوظيفة.. وليس بالحصول علي كارت توصية أو تأشيرة يحصل عليها قلة ويحرم منها الغالبية العظمي من الباحثين عن العمل في وقت تضيق فيه فرص العمل ويؤدي هذا إلي شعور بالاحباط ويؤثر علي انتماء الشباب.
ومن يطلب عملا وهو قادر عليه وكفء للقيام به يطلب حقا ولا يتسول صدقة أو احسانا من أحد.. ومسئولية الدولة أن تطبق المعايير العادلة لتوفير فرص العمل وتوزيعها بعدالة وتكافؤ وبدون أن تفتح الأبواب لقلة قادرة علي الفوز بكل شيء بينما يحرم الأغلبية لأنهم بلا سند أو بدون كارت توصية وليس أمامهم طريق للفوز بتأشيرة وزير أو محافظ وإذا كانت فرص العمل ضيقة فإن مسئوليتنا جميعا البحث عن مجالات لتوسيعها.
فالبنوك لديها من السيولة ما يكفي لتشجيع مبادرات فردية أو جماعية أو تمويل أنشطة عديدة ولكنها تكتفي بالاستثمار في أذون الخزانة وهي مجرد نقل الاموال من وعاء إلي آخر دون مخاطرة أو تفكير ولو استمرت البنوك علي هذا النحو فإنها لا تحتاج إلي قيادات مصرفية.. فالمصرفي يفكر ويغامر ويخاطر بأسلوب يحافظ علي أموال البنك ويفتح آفاقاً لفرص العمل والاستثمار..
والايدي المرتعشة في البنوك لاتزال موجودة.. ويستمتع هؤلاء بمرتبات تفوق اقرانهم في بنوك الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي.. ولكنهم عندنا يحصلون عليها بلا عمل ولا مخاطرة.. ولا محاسبة.
ومرتبات قيادات البنوك المصرية عامة وخاصة ومشتركة وفروع أجنبية تثير الحقد والأسي لدي أقرانهم في دول عربية أو أجنبية لأنهم يحصلون عليها سواء خسرت البنوك أو ربحت وسواء استثمرت أو تجمدت أموالها.
ماذا حققت البنوك.. وماذا قدمت من فرص عمل.. وماذا تستطيع أن تقدم في فترة صعبة وظروف بالغة التعقيد عالميا ومحليا.
وعلي جانب آخر فإن مسئولية الدولة لا تقف فقط عند توحيد البنوك وتقديم وتصحيح مسارها الراكد حاليا.. ولكن اعادة صياغة علاقات عمل جديدة تكفل المحافظة علي حقوق العمال وتوفير الضمانات لهم من تلاعب بعض شركات القطاع الخاص أو شركات الخصخصة التي أصبحت مصدرا للقلق العمالي وبدون مبرر.. وذلك لأن عقود البيع والخصخصة كانت مطاطة.
واعادة صياغة العلاقة بين أصحاب العمل والعمال تحتاج إلي استعادة قيمة العمل والاجتهاد وتوفير الأمان والاستقرار المادي والرعاية الصحية والاجتماعية للعمال وحمايتهم من الألاعيب التي يلجأ إليها القطاع الخاص..
كما أن المزايا والحوافز والتسهيلات أيا كان نوعها والتي تقدمها الدولة للشركات يجب أن ترتبط بالشرط الأول وهو توفير فرص جديدة للعمل ولا يجوز في ظل بطالة سافرة أن تلجأ بعض الشركات الخاصة في مصر إلي استيراد عمالة أجنبية بحجة نقص التدريب.
وقد يكون هذا صحيحاً ولكن التدريب مسئولية الدولة والشركات ولا يجوز أن يكون هذا مبرراً لزيادة عدد العاطلين والاقبال علي العمالة الأجنبية.
وقد يكون البعض قد اتجه إلي الاحتجاجات والاعتصامات والاضرابات للمطالبة بالحقوق وهذا الأمر قد تجاوز في ظواهره حتي اصبح سهلا ولايجوز اللجوء الي ذلك الا بعد استنفاد كل سبل الحوار مع الادارة.. وإذا توافرت الإدارة الجيدة والقادرة علي احتواء العمال وتحقيق العدالة بينهم فإن هذه الظاهرة ستختفي ولن تظهر الا بعد ان تضيق بهم الأحوال وتغلق الإدارات الفاسدة ابوابها ولا تستمع إلي نصائح الاخلاص وتوزيع الاعباء بعدالة وهو أمر يحتاج الي صياغة علاقة جديدة بين أصحاب العمل والعمال حتي نحافظ علي قيمة العمل والاجتهاد ونوفر فرصا للعمل للعاطلين الذين ينتظرون الفرصة للخروج من ظلم البطالة وقهرها فهي الأخطر علي المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
كلمات لها معني
الحكومة الكبيرة جدا والتي تقول إنها تفعل كل شيء من أجلك.. هي التي تضع عشرات الخطط والأفكار لتأخذ كل ما لديك.