[size=16]اخي الحبيب ،اختي الغالية
لما نزل الموت بالعابد الزاهد عبد الله بن إدريس اشتد عليه الكرب ،فلما اخذ يشهق، بكت ابنته
فقال لها :
يا بنيتي لا تبكي، فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلاف ختمة ،كلها لأجل هذا المصرع.
أمّا عامر بن عبد الله بن الزبير فلقد كان على فراش الموت يعد أنفاس الحياة وأهله حوله يبكون
فبينما هو يصارع الموت، سمع المؤذن ينادي لصلاة المغرب ،ونفسه تحشرج في حلقه وقد
أشتدّ نزعه وعظم كربه، فلما سمع النداء، قال لمن حوله : خذوا بيدي .
قالوا : إلى أين ؟
قال : إلى المسجد.
قالوا : وأنت على هذه الحال ؟
قال : سبحان الله . أسمع منادي الصلاة ولا أجيبه ؟ خذوا بيدي.
فحملوه بين رجلين، فصلى ركعة مع الإمام ثمّ مات في سجوده.
نعم، مات وهو ساجد.
أما يزيد الرقاشي، فإنه لما نزل به الموت، أخذ يبكي ويقول :
من يصلي لك يا يزيد إذا متّ ؟
ومن يصوم لك إذا متّ ؟
ومن يستغفر لك من الذنوب إذا متّ ؟
ثم تشهد ومات.
وها هو هارون الرشيد لما حضرته الوفاة وعاين السكرات، صاح بقواده وحجابه :
اجمعوا جيوشي كلها .
فجاؤوا بهم بسيوفهم ودروعهم لا يكاد يحصي عددهم إلا الله .
فلما اطل عليهم، حدق بهم وتمعن فيهم، ثم بكى بكاء شديدا ،وصاح قائلا :
يا من لا يزول ملكه .. ارحم من قد زال ملكه .
ثم لم يزل يبكي حتى مات.
وها هو أحد السلف، وقد كان تقيا ورعا صائما في النهار قائما في الليل قارئا للقران .
فقيل له : كيف حصلت على هذه النعمة ؟
قال : صورت نفسي إنها تحتضر.
فقلت لها : يا نفس ماذا تتمنين ؟
قالت: ان أعود للدنيا وأتزود من العمل الصالح.
ثم صورتها وهي في ضمة القبر، فقلت لها : يا نفس ماذا تتمنين؟
قالت : أتمنى ان أعود الى الدنيا وأتزود من العمل الصالح .
ثم صورتها وهي تبعث وتقف بين يدي الرحمن فقلت لها: يا نفس ماذا تتمنين؟
قالت : ان أعود الى الدنيا وأتزود من العمل الصالح .
فقلت لها: يا نفس هذه الدنيا وهذه أمنيتك فأعملي فيها واجتهدي.
اخي الحبيب ،اختي الغالية
قال أبن القيم رحمه الله:
فإن الذنوب تضر بالابدان ،وأن ضررها بالقلب كضرر السموم في الابدان على اختلاف
درجاتها في الضرر، وهل في الدنيا والآخرة شر وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي ؟
فما الذي اخرج الأبوين من الجنة ؟ وما الذي اخرج ابليس من ملكوت السموات وطرده ولعنه
ومسخ ظاهره وباطنه ؟
وقال ابن عباس رضي الله عنه:
ان للسيئة سواداً في الوجه ،وظلمة في القلب، ووهناً ونقصاً في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق.
وقال الفضيل بن عياض:
بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله ،وبقدر ما يعظم عندك يصغر عند الله .
وقال الإمام أحمد:
سمعت بلال بن سعيد يقول : لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى عظم من عصيت .
وقال يحيى بن معاذ الرازي :
عجبت من رجل يقول فى دعائه اللهم لا تشمت بي الأعداء، ثم هو يشمت بنفسه كل عدو.
فقيل له : كيف ذلك ؟
قال : يعصى الله ويشمت به في يوم القيامة كل عدو .
اخي الحبيب ،اختي الغالية
متى ستنتهي من غفوتك ؟أفق يا مسكين قبل أن يأتي يوم الحساب فتجد ملايين أو مليارات الذنوب من وراء غفلتك .
يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
أفق يا مسكين، وتذكر وعد الله بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة .
ففي الدنيا :
بضيق الرزق وسواد الوجه وضيق الصدر وقسوة القلب وعدم الراحة
وبالزوجة والذرية الفاسدة العاقة وبالفشل و الخزي .
وفي الآخرة :
فبعذاب النار وما أدراك ما النار!
هل جربت يوما أن تضع يدك على شعلة الغاز أو تمسك المكواه وهي ساخنة ؟
كيف يكون الألم ؟ أخبرني .
فما بالك بنار أحمى عليها آلاف السنين ؟
أفق وبادر بالتوبة قبل أن تغادر الدنيا فالموت في أي لحظه قادم .
أفق وبادر بالتوبة قبل الندم .
أفق قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا منصب و لا سلطان ولا بنون .
فهل من متعظ ؟؟
[/size]