عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: *نمت فرأيتني في الجنة، فسمعت قارئاً يقرأ، فقلت: من هذا? قالوا: حارثة بن النعمان*. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: *كذلك البر، فكان أبر الناس بأمه*.
وعن مكحول، قال: قدم وفد الأشعرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:
*افيكم وجرة? قالوا: نعم. قال: فإن الله تعالى أدخلها الجنة ببر والدتها وهي مشركة- يعني الأم- أغير على حيها، فاحتملت أمها تشتد بها في الرمضاء، فإذا احترقت قدماها جلست وأجلست أمها في حجرها، وأظلتها من الشمس، فإذا استراحت حملتها*.
وعن عبد الرحمن بن سمرة، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ونحن في مسجد المدينة، فقال: *رأيت رجلاً من أمتي جاءه ملك الموت ليقبض روحه، فجاءه بره بوالديه فرده عنه*.
وعن أبي الدرداء، قال: قال عمر رضي الله عنهما: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبل، فأشرفنا على واد، فرأيت شاباً أعجبني شبابه، فقلت: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي شاب لو كان شبابه في سبيل الله? فقال صلى الله عليه وسلم: *يا عمر فلعله في سبيل الله وأنت لا تشعر* ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: *يا شاب، هل لك من تعول? قال: نعم. قال: من? قال: أمي. فقال: إلزمها فإن عند رجليها الجنة*.
وعن مورق العجلي، قال: قال صلى الله عليه وسلم: *هل تعلمون نفقة أفضل من نفقة في سبيل الله تعالى*? قالوا: الله ورسوله أعلم قال: *نفقة الولد على الوالدين أفضل*.
كيفة بر الوالدين
برهما يكون بطاعتهما فيما يأمران به ما لم يكن بمحظور، وتقديم أمرهما على فعل النافلة، والاجتناب لما نهيا عنه، والإنفاق عليهما، والتوخي لشهواتهما، والمبالغة في خدمتهما، واستعمال الأدب والهيبة لهما، فلا يرفع الولد صوته، ولا يحدق إليهما، ولا يدعوهما باسمهما، ويمشي وراءهما، ويصبر على ما يكره مما يصدر منهما.
سمعت طلق بن علي، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: *لو أدركت والدي أو أحدهما وقد افتتحت الصلاة، فقرأت فاتحد الكتاب؛ فقال: يا محمد، لقلت: لبيك*.
وعن أبي غسان الضبي أنه خرج يمشي بظهر الحرة وأبوه يمشي خلفه، فلحقه أبو هريرة، فقال: من هذا الذي يمشي خلفك? قلت: أبي قال:
*أخطأت الحق ولم توافق السنة، لا تمش بين يدي أبيك، ولكن أمشي خلفه أو عن يمينه، ولا تدع أحداً يقطع بينك وبينه، ولا تأخذ عرقاً *أي: لحماً مختلطاً بعظم* نظر إليه أبوك، فلعله قد اشتهاه، ولا تحد النظر إلى أبيك، ولا تقعد حتى يقعد، ولا تنم حتى ينام*.
وعن أبي هريرة، أنه أبصر رجلين، فقال لأحدهما: هذا منك? قال: أبي قال: *لا تسمه باسمه، ولا تمشي أمامه، ولا تجلس قبله*.
وعن طيلة، قال: قلت لابن عمر: عندي أمي، قال: *والله لو ألفت لها الكلام، وأطعمتها الطعام، لتدخلن الجنة ما اجتنبت الكبائر*.
وعن هشام بن عروة، عن أبيه، في قوله تعالى: *وَاَخفِض لَهُما جَناحَ الذُلِّ مِنَ الرَحمَةِ*. قال: لا تمتنع من شيء أحباه.
وعن الحسن أنه سئل عن بر الوالدين فقال: *أن تبذل لهما ما ملكت، وتطيعهما ما لم يكن معصية*.
وعن عمر رضي الله عنه، قال: *إبكاء الوالدين من العقوق*.
وعن سلام بن مسكين، قال: سألت الحسن، قلت: الرجل يأمر والديه بالمعروف وينهاهما عن المنكر? قال: *إن قبلا، وإن كرها فدعهما*.
وعن العوام، قال: قلت لمجاهد: ينادي المنادي بالصلاة، ويناديني رسول أبي. قال: *أحب أباك* وعن ابن المنكدر، قال: *إذا دعاك أبوك وأنت تصلي فأجب*.
وعن عبد الصمد، قال: سمعت وهب يقول: *في الإنجيل: رأس البر للوالدين أن توفر عليهما أموالهما. وأن تطعمهما من مالك*.
وعن عبد الله بن عون، قال: *انظر إلى الوالدين عبادة*.