علم السيدة عائشة رضي الله عنها
السيدة عائشة رضي الله عنها كان أهل العلم يقصدونها للأخذ من علمها الغزير، فأصبحت بذلك نبراساً منيراً يضيء
على أهل العلم وطلابه.تلكم هي عائشة بنت أبي بكر الصديق زوجة رسول الله صلى
الله عليه وسلم وأفقه نساء المسلمين وأعلمهن بالقرآن والحديث والفقه ، ولدت بمكة
المكرمة في العام الثامن قبل الهجرة ، تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة
الثانية للهجرة، فكانت أكثر نسائه رواية لأحاديثه.
كانت من أحب نساء الرسول إليه، وتحكي (رضي الله عنها) عن ذلك فتقول
(فضلت على
نساء الرسول بعشر ولا فخر:
كنت أحب نسائه إليه، وكان أبي أحب رجاله إليه
وتزوجني لسبع وبنى بي لتسع (أي دخل بي)، ونزل عذري من السماء
(المقصود حادثة الإفك)،واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم نساءه في مرضه
قائلاً: إني لا أقوى على التردد عليكن،فأذنّ لي أن أبقى عند بعضكن، فقالت
أم سلمة: قد عرفنا من تريد، تريد عائشة، قد أذنا لك، وكان آخر زاده في الدنيا
ريقي، فقد استاك بسواكي، وقبض بين حجري و نحري، ودفن في بيتي )
توفيت(رضي الله عنها) في الثامنة والخمسين للهجرة .
{ علمها وتعليمها }
تعد عائشة (رضي الله عنها) من أكبر النساء في العالم فقهاً وعلماً، فقد أحيطت
بعلم كل ما يتصل بالدين من قرآن وحديث وتفسير وفقه وكانت (رضي الله عنها)
مرجعاً لأصحاب رسول الله عندما يستعصي عليهم أمر، فقد كانوا (رضي الله عنهم)
يستفتونها فيجدون لديها حلاً لما أشكل عليهم. حيث قال أبو موسى الأشعري :
(ما أشكل علينا –أصحاب رسول الله-حديث قط، فسألنا عائشة إلا وجدنا عندها منه علماً)
وقد كان مقام أم المؤمنين عائشة بين المسلمين مقام الأستاذ من تلاميذه، حيث أنها
إذا سمعت من علماء المسلمين والصحابة روايات ليست على وجهها الصحيح،تقوم بالتصحيح
هژںه¸–هœ°ه€: منتدى نور الدنيـا [عزيزي الزائر يتبقى لديك خطوة واحدة لتتمتع بجميع خواص المنتدى . ]
هژںه¸–هœ°ه€: منتدى نور الدنيـا [عزيزي الزائر يتبقى لديك خطوة واحدة لتتمتع بجميع خواص المنتدى . ]
لهم وتبين ما خفي عليهم، فاشتهر ذلك عنها ، وأصبح كل من يشك في رواية أتاها سائلاً .
و لقد تميزت بعلمها الرفيع لعوامل مكنتها من أن تصل إلى هذه المكانة، من أهم هذه العوامل:
1- ذكائها الحاد وقوة ذاكرتها، وذلك لكثرة ما روت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
2- زواجها في سن مبكر من النبي صلى الله عليه وسلم ، ونشأتها في بيت النبوة
فأصبحت (رضي الله عنها) التلميذة النبوية.
3- كثرة ما نزل من الوحي في حجرتها، وهذا بما فضلت به بين نساء رسول الله
صلى الله عليه وسلم .
4- حبها للعلم و المعرفة، فقد كانت تسأل و تستفسر إذا لم تعرف أمراً أو استعصى
عليها مسائلة، فقد قال عنها ابن أبي مليكة
(كانت لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه).
ونتيجة لعلمها وفقهها أصبحت حجرتها المباركة وجهة طلاب العلم حتى غدت هذه الحجرة
أول مدارس الإسلام وأعظمها أثر في تاريخ الإسلام وكانت (رضي الله عنها)
تضع حجاباً بينها وبين تلاميذها، وذلك لما قاله مسروق (سمعت تصفيقها بيديها من وراء الحجاب).
لقد اتبعت أساليب رفيعة في تعليمها متبعة بذلك نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم
في تعليمه لأصحابه. من هذه الأساليب عدم الإسراع في الكلام وإنما التأني ليتمكن
هژںه¸–هœ°ه€: منتدى نور الدنيـا [عزيزي الزائر يتبقى لديك خطوة واحدة لتتمتع بجميع خواص المنتدى . ]
المتعلم من الاستيعاب، فقد قال عروة إن أم المؤمنين عائشة قالت مستنكرة
(ألا يعجبك أبو هريرة جاء فجلس إلى جانب حجرتي يحدّث عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم يسمعني ذلك، وكنت أسبِّح-أصلي - فقام قبل أن أقضي سبحتي، ولو
أدركته لرددت عليه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسرد الحديث كسردكم.
كذلك من أساليبها في التعليم، التعليم أحياناً بالإسلوب العملي،وذلك توضيحاً للأحكام
الشرعية العملية كالوضوء كما أنها كانت لا تتحرج في الإجابة على المستفتي في أي
مسائلة من مسائل الدين ولو كانت في أدق مسائل الإنسان الخاصة
كذلك لاحظنا بأن أم المؤمنين عائشة كانت تستخدم الإسلوب العلمي المقترن بالأدلة
سواء كانت من الكتاب أو السنة ويتضح ذلك في رواية مسروق حيث قال
(كنت متكئاً عند عائشة، فقالت: يا أبا عائشة،ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على
الله الفرية، قلت: ما هن ؟ قالت: من زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد
أعظم على الله الفرية، قال: وكنت متكئاً فجلست فقلت:يا أم المؤمنين، أنظريني
ولا تعجليني،ألم يقل الله عز وجل (ولقد رآه بالأفق المبين.ولقد رآه نزلةً أخرى)
فقالت: أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقال:
( إنما هو جبريل، لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين،رأيته مهبطاً
من السماء سادّاً عِظَمُ خلقه ما بين السماء و الأرض ) فقالت: أولم تسمع أن الله يقول:
( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) أو لم تسمع أن الله يقول:
(وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً
فيوحي بإذنه ما يشاء إنه عليٌ حكيم).
قالت: ومن زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم
على الله الفرية ، و الله يقول: ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم
تفعل فما بلغت رسالته ). قالت: ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم
على الله الفرية ، والله يقول ( قل لا يعلم من في السماوات و الأرض الغيب إلا الله )
وبذلك يتضح لنا بأنها - رضي الله عنها - كانت معقلاً للفكر الإسلامي، وسراجاً
يضيء على طلاب العلم ولذكائها و حبها للعلم كان النبي صلى الله عليه وسلم
يحبها ويؤثرها حيث قال ( كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ) .