حدثنا هداب بن خالد حدثنا همام حدثنا قتادة عن أنس
أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما
صحيح مسلم بشرح النووي
حَدِيث قَتَادَة : ( عَنْ أَنَس - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَجَرَ عَنْ الشُّرْب قَائِمًا )
, وَفِي رِوَايَة : ( نَهَى عَنْ الشُّرْب قَائِمًا قَالَ قَتَادَة : فَالْأَكْل ؟ قَالَ : أَشَرّ أَوْ أَخْبَث ) , وَفِي رِوَايَة : ( عَنْ قَتَادَة عَنْ أَبِي عِيسَى الْأَسْوَارِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَجَرَ عَنْ الشُّرْب قَائِمًا ) , وَفِي رِوَايَة عَنْهُمْ : ( نَهَى عَنْ الشُّرْب قَائِمًا ) , وَفِي رِوَايَة : ( عَنْ عُمَر بْن حَمْزَة قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو غَطَفَان الْمُرِّيّ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَة يَقُول : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا يَشْرَبَنَّ أَحَدكُمْ قَائِمًا فَمَنْ نَسِيَ فَلْيَسْتَقِيء ) وَعَنْ اِبْن عَبَّاس : ( سَقَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ زَمْزَم فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِم ) , وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى : ( أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ مِنْ زَمْزَم وَهُوَ قَائِم ) وَفِي صَحِيح الْبُخَارِيّ " أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - شَرِبَ قَائِمًا وَقَالَ : رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ كَمَا رَأَيْتُمُونِي فَعَلْت " . اِعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيث أَشْكَلَ مَعْنَاهَا عَلَى بَعْض الْعُلَمَاء حَتَّى قَالَ فِيهَا أَقْوَالًا بَاطِلَة , وَزَادَ حَتَّى تَجَاسَرَ وَرَامَ أَنْ يُضَعِّف بَعْضهَا , وَادَّعَى فِيهَا دَعَاوِي بَاطِلَة لَا غَرَض لَنَا فِي ذِكْرهَا , وَلَا وَجْه لِإِشَاعَةِ الْأَبَاطِيل وَالْغَلَطَات فِي تَفْسِير السُّنَن , بَلْ نَذْكُر الصَّوَاب , وَيُشَار إِلَى التَّحْذِير مِنْ الِاغْتِرَار بِمَا خَالَفَهُ , وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث بِحَمْدِ اللَّه تَعَالَى إِشْكَال , وَلَا فِيهَا ضَعْف , بَلْ كُلّهَا صَحِيحَة , وَالصَّوَاب فِيهَا أَنَّ النَّهْي فِيهَا مَحْمُول عَلَى كَرَاهَة التَّنْزِيه . وَأَمَّا شُرْبه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا فَبَيَان لِلْجَوَازِ , فَلَا إِشْكَال وَلَا تَعَارُض , وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَتَعَيَّن الْمَصِير إِلَيْهِ , وَأَمَّا مَنْ زَعَمَ نَسْخًا أَوْ غَيْره فَقَدْ غَلِطَ غَلَطًا فَاحِشًا , وَكَيْف يُصَار إِلَى النَّسْخ مَعَ إِمْكَان الْجَمْع بَيْن الْأَحَادِيث لَوْ ثَبَتَ التَّارِيخ وَأَنَّى لَهُ بِذَلِكَ . وَاللَّهُ أَعْلَم . فَإِنْ قِيلَ : كَيْف يَكُون الشُّرْب قَائِمًا مَكْرُوهًا وَقَدْ فَعَلَهُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَالْجَوَاب : أَنَّ فِعْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ بَيَانًا لِلْجَوَازِ لَا يَكُون مَكْرُوهًا , بَلْ الْبَيَان وَاجِب عَلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَكَيْف يَكُون مَكْرُوهًا وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّة مَرَّة وَطَافَ عَلَى بَعِير مَعَ أَنَّ الْإِجْمَاع عَلَى أَنَّ الْوُضُوء ثَلَاثًا وَالطَّوَاف مَاشِيًا أَكْمَل , وَنَظَائِر هَذَا غَيْر مُنْحَصِرَة , فَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَبِّه عَلَى جَوَاز الشَّيْء مَرَّة أَوْ مَرَّات , وَيُوَاظِب عَلَى الْأَفْضَل مِنْهُ , وَهَكَذَا كَانَ أَكْثَر وُضُوئِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاث ثَلَاثًا , وَأَكْثَر طَوَافه مَاشِيًا , وَأَكْثَر شُرْبه جَالِسًا , وَهَذَا وَاضِح لَا يَتَشَكَّك فِيهِ مَنْ لَهُ أَدْنَى نِسْبَة إِلَى عِلْم . وَاللَّهُ أَعْلَم .